كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: عَادَ الْوَقْتُ) فِيهِ أَبْحَاثٌ مِنْهَا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ حَاصِلَ عَوْدِ الْوَقْتِ أَنَّهُ زِيدَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ زِيَادَةً وَأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لَا تَنْقُصُ مِنْ اللَّيْلَةِ الْآتِيَةِ وَمِنْهَا أَنَّهُ إذَا قُلْنَا عَادَ الْوَقْتُ فَهَلْ يَلْزَمُ مَنْ كَانَ صَلَّى الْمَغْرِبَ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَنْ يُصَلِّيَهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ بِعَوْدِهَا تَبَيَّنَ بَقَاءُ النَّهَارِ وَهَلْ يَلْزَمُ مَنْ كَانَ أَفْطَرَ فِي صَوْمِ الْفَرْضِ الْإِمْسَاكُ، وَالْقَضَاءُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ أَفْطَرَ نَهَارًا، أَوْ لَا يَلْزَمُ وَاحِدٌ مِنْهَا مَا ذُكِرَ، وَالْعَوْدُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْهَا أَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى الْعَصْرَ يُصَلِّيهِ أَدَاءً وَإِنْ أَثِمَ بِتَعَمُّدِ تَأْخِيرِهِ بِلَا عُذْرٍ إلَى الْغُرُوبِ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا بَعِيدٌ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا تَأَخَّرَتْ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْغُرُوبِ سَاعَةً فَيَمْتَدُّ الْوَقْتُ لِغُرُوبِهَا وَإِنْ جَاوَزَ حَدَّ الْمُعْتَادِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ أَيْضًا. اهـ. وَقَدْ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْدِيرِ غُرُوبِهَا مَا تَقَرَّرَ فِي أَيَّامِ الدَّجَّالِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الشَّارِعَ أَمَرَ بِالتَّقْدِيرِ فِي أَيَّامِ الدَّجَّالِ لَا فِي هَذَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَوْ أَمَرَ بِذَلِكَ لَنُقِلَ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ قُبَيْلَ يَكْرَهُ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ مَكَثَتْ الشَّمْسُ طَالِعَةً عِنْدَ قَوْمٍ مُدَّةً. اهـ. وَهُوَ يُخَالِفُ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ عَلَى وَفْقِ اسْتِبْعَادِهِ هُنَا مَا ذَكَرَهُ آخِرًا مِنْ امْتِدَادِ الْوَقْتِ لِغُرُوبِهَا وَقَدْ تُمْنَعُ الْمُخَالَفَةُ بِتَصْوِيرِ مَا هُنَا بِمَا إذَا امْتَدَّ النَّهَارُ لَكِنْ لَمْ يَفُتْ اللَّيْلُ وَمَا يَأْتِي بِمَا إذَا امْتَدَّ بِحَيْثُ فَاتَ كَأَنْ امْتَدَّ قَدْرَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَقَدْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ حَيْثُ طَالَ اللَّيْلُ، أَوْ الْيَوْمُ فَإِنْ لَزِمَ مِنْ طُولِهِ فَوَاتُ نَهَارٍ، أَوْ لَيْلٍ قُدِّرَ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَفُتْ شَيْءٌ مِنْ لَيَالِيِ الشَّهْرِ وَلَا أَيَّامِهِ لَمْ يُقَدَّرْ؛ لِأَنَّهُ لَيْلَةٌ وَاحِدَةٌ زِيدَ فِيهَا عَدَدٌ مِنْ الْأَيَّامِ، وَاللَّيَالِيِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا قُلْنَاهُ بِأَنَّ هَذَا الْفَرْقَ إنَّمَا يَظْهَرُ إنْ كَانَ الشَّهْرُ الَّذِي فِيهِ الْيَوْمُ الَّذِي كَجُمُعَةٍ يَنْقُصُ عَدَدُ أَيَّامِهِ الْبَاقِيَةِ بِقَدْرِ الْجُمُعَةِ، وَالْوَجْهُ اتِّجَاهُ هَذَا الْفَرْقِ وَإِنَّ أَيَّامَ الدَّجَّالِ إنَّمَا كَانَ فِيهَا مَا بَيَّنَهُ فِي الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا شَهْرٌ مُتَمَيِّزُ الطَّرَفَيْنِ فَإِنَّ بَعْضَ أَيَّامِهِ كَجُمُعَةٍ مَثَلًا مَعَ تَحَقُّقِ عَدَدِ أَيَّامِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِيهَا شَيْءٌ كَذَلِكَ فَالْوَجْهُ عَدَمُ التَّقْدِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِنَوْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَلْ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إيقَاظُهُ وَهَلَّا تَيَمَّمَ وَصَلَّى بِالْإِيمَاءِ.
(قَوْلُهُ: لِمَعْرِفَةِ وَقْتِ الْعَصْرِ) مَا وَجْهُ تَخْصِيصِ الْعَصْرِ.
(قَوْلُهُ: قِيَاسُ مَا يَأْتِي إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْوَجْهُ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ أَيَّامُ الشَّهْرِ وَلَا لَيَالِيهِ أَنَّهَا لَيْلَةٌ وَاحِدَةٌ طَالَتْ فَلَا يَجِبُ فِيهَا غَيْرُ مَغْرِبٍ وَعِشَاءٍ بِخِلَافِ أَيَّامِ الدَّجَّالِ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: عَادَتْ) أَيْ: لَوْ عَادَتْ الشَّمْسُ.
(قَوْلُهُ: عَادَ الْوَقْتُ) أَيْ: وَوَجَبَ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ إنْ كَانَ صَلَّاهَا وَيَجِبُ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ فِي الصَّوْمِ الْإِمْسَاكُ، وَالْقَضَاءُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ أَفْطَرَ نَهَارًا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى الْعَصْرَ يُصَلِّيهَا أَدَاءً وَهَلْ يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ بِلَا عُذْرٍ إلَى الْغُرُوبِ الْأَوَّلِ، أَوْ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ إثْمِهِ الظَّاهِرُ الثَّانِي حَلَبِيٌّ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ وَفِي كَلَامِ سم الْمَيْلُ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا الْأَخِيرَ فَمَالَ فِيهِ إلَى الْإِثْمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى خِلَافِهِ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ.
(قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا بَعِيدٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا تَأَخَّرَتْ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْغُرُوبِ سَاعَةً فَيَمْتَدُّ الْوَقْتُ لِغُرُوبِهَا وَإِنْ جَاوَزَ حَدَّ الْمُعْتَادِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ أَيْضًا. اهـ. وَقَدْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ حَيْثُ طَالَ اللَّيْلُ، أَوْ الْيَوْمُ فَإِنْ لَزِمَ مِنْ طُولِهِ فَوَاتُ نَهَارٍ، أَوْ لَيْلٍ قُدِّرَ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَفُتْ شَيْءٌ مِنْ لَيَالِيِ الشَّهْرِ وَلَا أَيَّامِهِ لَمْ يُقَدَّرْ؛ لِأَنَّهُ لَيْلَةٌ وَاحِدَةٍ زِيدَ فِيهَا، أَوْ يَوْمٍ وَاحِدٍ كَذَلِكَ بِخِلَافِ أَيَّامِ الدَّجَّالِ؛ لِأَنَّهُ فَاتَ فِيهَا عَدَدٌ مِنْ الْأَيَّامِ، وَاللَّيَالِيِ سم بِحَذْفِ.
(قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ كَلَامُ ابْنِ الْعِمَادِ) فَيَجِبُ عَلَى مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ إعَادَتُهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَعَلَى مَنْ أَفْطَرَ قَضَاءُ الصَّوْمِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُحَشِّي وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الشَّيْخِ سُلْطَانٍ عَدَمَ وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ اتِّفَاقًا شَيْخُنَا وَمَرَّ آنِفًا مَا يُوَافِقُهُ جَمِيعَهُ إلَّا مَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّيْخِ سُلْطَانٍ.
(قَوْلُهُ: حَدِيثُهَا) أَيْ: حَدِيثُ عَوْدِ الشَّمْسِ، وَالتَّأْنِيثُ مُكْتَسَبٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعْجِزَةَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَا يَضُرُّ.
(قَوْلُهُ: بَلْ عَوْدُهَا) أَيْ: بِدُعَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلُهُ إلَّا لِذَلِكَ أَيْ لِيُصَلِّيَ عَلَى الْعَصْرِ أَدَاءً وَقَوْلُهُ لِاشْتِغَالِهِ إلَخْ أَيْ فِكْرُهُ أَنْ يُوقِظَهُ فَفَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِنَوْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَلْ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إيقَاظُهُ وَهَلَّا تَيَمَّمَ وَصَلَّى بِالْإِيمَاءِ سم أَقُولُ: وَلَعَلَّهُ اجْتَهَدَ جَوَازَ التَّأْخِيرِ، بَلْ أَفْضَلِيَّتَهُ مِمَّا قَدْ يُؤَدِّي إلَى إيقَاظِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قَوْلُهُ: لِمَعْرِفَةِ وَقْتِ الْعَصْرِ) مَا وَجْهُ تَخْصِيصِ الْعَصْرِ سم.
(قَوْلُهُ: جَاءَ فِي حَدِيثٍ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَغْرِبُ بِغُرُوبِهَا) وَلَوْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ فِي بَلَدٍ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ سَافَرَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَوَجَدَ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى نِهَايَةٌ وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ خِلَافُهُ.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَدْخُلُ إلَخْ) قَضِيَّةُ سُكُوتِهِ عَنْ وَقْتِ الصُّبْحِ أَنَّهُ لَا يَنْزِلُ طُلُوعُهَا مِنْ الْمَغْرِبِ مَنْزِلَةَ طُلُوعِهَا مِنْ الْمَشْرِقِ فَلَا تَجِبُ صَلَاةُ الصُّبْحِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ.
(قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ قِيَاسُ مَا يَأْتِي إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْوَجْهُ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ أَيَّامُ الشَّهْرِ وَلَا لَيَالِيهِ أَنَّهَا لَيْلَةٌ وَاحِدَةٌ طَالَتْ فَلَا يَجِبُ فِيهَا غَيْرُ مَغْرِبٍ وَعِشَاءٍ بِخِلَافِ أَيَّامِ الدَّجَّالِ فَتَأَمَّلْهُ سم وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مُضِيِّ قَدْرٍ تَجِبُ فِيهِ الصَّلَاةُ بِدُونِهَا.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْخَمْسِ) وَعَلَيْهِ فَيُسَنُّ الْبُدَاءَةُ فِيمَا يَظْهَرُ بِالصُّبْحِ، ثُمَّ بِمَا بَعْدَهَا عَلَى التَّرْتِيبِ فَإِنَّ الْفَرْضَ يَقْتَضِي تَرْتِيبَهَا كَذَلِكَ وَسَيَأْتِي أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ مَنْدُوبٌ بَصْرِيٌّ.
(وَالْمَغْرِبُ) يَدْخُلُ وَقْتُهُ (بِالْغُرُوبِ) أَيْ غَيْبُوبَةِ جَمِيعِ قُرْصِ الشَّمْسِ وَإِنْ بَقِيَ الشُّعَاعُ وَيُعْرَفُ فِي الْعُمْرَانِ، وَالصَّحَارِي الَّتِي بِهَا جِبَالٌ بِزَوَالِ الشُّعَاعِ مِنْ أَعَالِي الْحِيطَانِ، وَالْجِبَالِ مِنْ غَرْبٍ بَعْدُ (وَيَبْقَى) وَقْتُهَا (حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ الْأَحْمَرُ فِي الْقَدِيمِ) لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ فِيهِ، وَالْأَحْمَرُ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ إذْ الشَّفَقُ حَيْثُ أُطْلِقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلْأَحْمَرِ وَخَرَجَ بِهِ الْأَصْفَرُ، وَالْأَبْيَضُ وَلَوْ لَمْ يَغِبْ، أَوْ لَمْ يَكُنْ بِمَحَلٍّ اُعْتُبِرَ حِينَئِذٍ غَيْبَتُهُ بِأَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهِ وَلَهَا غَيْرُ الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ وَقْتُ عُذْرٍ وَهُوَ وَقْتُ الْعِشَاءِ لِمَنْ يَجْمَعُ وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ وَهُوَ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ لِنَقْلِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ كَرَاهَةَ تَأْخِيرِهَا عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إذْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ بِالْجَدِيدِ كَرَاهَةَ هَذَا التَّأْخِيرِ حَتَّى عَلَى الْجَدِيدِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ عَلَيْهَا أَنَّ لَهَا وَقْتَ جَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ وَكَأَنَّهُ؛ لِأَنَّ فِي وَقْتِهَا مِنْ الْخِلَافِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهِ فَإِنْ قُلْت يَأْتِي فِي ضَبْطِهِ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَقْرُبُ مِنْ وَقْتِ الْجَوَازِ هُنَا عَلَى الْجَدِيدِ قُلْت ادِّعَاءُ قُرْبِهِ مِنْهُ مَمْنُوعٌ إذْ الْمُعْتَبَرُ فِي وَقْتِ الْجَوَازِ عَلَى الْجَدِيدِ زَمَنُ مَا يَجِبُ وَيُنْدَبُ بِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ وَإِنْ نَدَرَ وَهَذَا يَقْرُبُ مِنْ نِصْفِ وَقْتِهَا عَلَى الْقَدِيمِ وَفِي وَقْتِ الْفَضِيلَةِ عَلَيْهِمَا مَا يَحْتَاجُهُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ يَنْقُصُ عَنْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ فَيُتَصَوَّرُ حَتَّى عَلَى الْجَدِيدِ وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَمَا فَضَلَ عَنْهُ كَرَاهَةٌ فَتَأَمَّلْهُ (وَفِي الْجَدِيدِ يَنْقَضِي بِمُضِيِّ قَدْرِ) زَمَنِ (وُضُوءٍ) وَغُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ وَطَلَبٍ خَفِيفٍ وَإِزَالَةِ خَبَثٍ يَعُمُّ الْبَدَنَ، وَالثَّوْبَ، وَالْمَحَلَّ وَيُقَدَّرُ مُغَلَّظًا (وَسَتْرُ عَوْرَةٍ) وَاجْتِهَادٌ فِي الْقِبْلَةِ (وَأَذَانٌ) وَلَوْ فِي حَقِّ امْرَأَةٍ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْدَبُ لَهَا إجَابَتُهُ (وَإِقَامَةٌ) وَأَلْحَقَ بِهِمَا سَائِرَ سُنَنِ الصَّلَاةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهَا كَتَعَمُّمٍ وَتَقَمُّصٍ وَمَشْيٍ لِمَحَلِّ الْجَمَاعَةِ وَأَكْلِ جَائِعٍ حَتَّى يَشْبَعَ (وَخَمْسُ رَكَعَاتٍ)، بَلْ سَبْعٌ لِنَدْبِ ثِنْتَيْنِ قَبْلَهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّاهَا فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُبَيَّنَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ أَوْقَاتُ الِاخْتِيَارِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ وَقْتَ اخْتِيَارِهَا هُوَ وَقْتُ فَضِيلَتِهَا عَلَى أَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ بِمَكَّةَ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مُتَأَخِّرَةٌ بِالْمَدِينَةِ فَقُدِّمَتْ لَاسِيَّمَا وَهِيَ أَكْثَرُ رُوَاةً وَأَصَحُّ إسْنَادًا وَاسْتُثْنِيَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ لِتَوَقُّفِ بَعْضِهَا عَلَى دُخُولِهِ وَعَدَمِ وُجُوبِ تَقْدِيمِ بَاقِيهَا، وَالْعِبْرَةُ فِي جَمِيعِهَا بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ مِنْ فِعْلِ كُلِّ إنْسَانٍ وَاسْتَشْكَلَ الْجَدِيدُ بِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى جَمْعِ التَّقْدِيمِ فِيهِ وَمِنْ شَرْطِهِ وُقُوعُ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِ الْأُولَى وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَقْتَ السَّابِقَ يَسَعُهُمَا سِيَّمَا إنْ قُدِّمَتْ تِلْكَ الْأُمُورُ عَلَى الْوَقْتِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: كَاشِفَةٌ) الْأَوْلَى مُؤَكَّدَةٌ وَقَوْلُهُ إذْ الشَّفَقُ إلَخْ فِي إثْبَاتِهِ الْمَطْلُوبَ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بَقِيَ) قَدْ يُقَالُ هُوَ بِمَعْنَى الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُتَصَوَّرُ عَلَيْهِمَا أَنَّ لَهَا وَقْتَ جَوَازٍ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْجَوَازِ مَا زَادَ عَلَى وَقْتِ الْفَضِيلَةِ لَا مَا يَشْمَلُهُ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت إلَخْ) كَانَ حَاصِلُ السُّؤَالِ أَنَّهُ لَا تَتَأَتَّى الْكَرَاهَةُ فِي وَقْتِ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وُضُوءٌ وَغُسْلٌ وَتَيَمُّمٌ) يَنْبَغِي اعْتِبَارُ قَدْرِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَلَوْ نَدْبًا فِي بَعْضِهَا فَإِنَّ الْوُضُوءَ مِنْ سُنَنِ الْغُسْلِ وَإِنْ كَفَى الْغُسْلُ عَنْهُ وَقَدْ يَكُونُ بِأَعْضَاءِ وُضُوئِهِ عِلَّةٌ تُحْوِجُ لِلتَّيَمُّمِ، بَلْ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ قَدْرِ أَرْبَعَةِ تَيَمُّمَاتٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا بِأَنْ يَكُونَ بِأَعْضَاءِ وُضُوئِهِ الْأَرْبَعَةِ أَرْبَعُ عِلَلٍ غَيْرِ عَامَّةٍ لِغَيْرِ الرَّأْسِ وَعَامَّةٍ لِلرَّأْسِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْقُصَ مِنْ زَمَنِ الْوُضُوءِ، وَالْغُسْلِ قَدْرُ التَّيَمُّمَاتِ لِسُقُوطِ غُسْلِ مَا تَيَمَّمَ عَنْهُ مِنْهُمَا وَقَدْ يَحْتَاجُ لِتَيَمُّمٍ خَامِسٍ وَسَادِسٍ لِاسْتِحْبَابِ إفْرَادِ كُلِّ يَدٍ وَرِجْلٍ بِتَيَمُّمٍ فَإِذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي كُلٍّ مِنْ الْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ اُسْتُحِبَّ أَرْبَعُ تَيَمُّمَاتٍ وَلِتَيَمُّمٍ سَابِعٍ لِعِلَّةٍ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ قَدْرِ سَبْعِ تَيَمُّمَاتٍ مُطْلَقًا مَعَ قَدْرِ الْوُضُوءِ، وَالْغُسْلِ نَاقِصًا قَدْرَ غُسْلِ مَا تَيَمَّمَ عَنْهُ مِنْ الْأَعْضَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ يُشْكِلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُهُ نَجَاسَةٌ لَا تَزُولُ إلَّا بِحَتٍّ وَقَرْضٍ يَسْتَغْرِقُ الْوَقْتَ فَإِنْ اُعْتُبِرَتْ مَعَ ذَلِكَ، أَوْ وَحْدَهَا لَزِمَ امْتِدَادُ الْوَقْتِ إلَى أَثْنَاءِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ، أَوْ مَا بَعْدَهُ وَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَيُقَدَّرُ مُغَلَّظًا) أَيْ: لِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ.
(قَوْلُهُ: عَلَى دُخُولِهِ) أَيْ: الْوَقْتِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ فِعْلِ كُلٍّ) هَذَا يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْوَقْتِ.
(قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَقْتَ السَّابِقَ يَسَعُهُمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ فَإِنْ قِيلَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ تَقْدِيمًا جَائِزٌ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْجَمْعِ أَنْ يَقَعَ أَدَاءُ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ لَا يَنْحَصِرُ فِيمَا ذَكَرْتُمْ قُلْنَا لَا يَلْزَمُ فَإِنَّ الْوَقْتَ الْمَذْكُورَ يَسَعُ الصَّلَاتَيْنِ خُصُوصًا إذَا كَانَتْ الشَّرَائِطُ عِنْدَ الْوَقْتِ مُجْتَمِعَةً فِيهِ فَإِنْ فَرَضْنَا ضِيقَهُ عَنْهُمَا لِأَجْلِ اشْتِغَالِهِ بِالْأَسْبَابِ امْتَنَعَ الْجَمْعُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَهُوَ وُقُوعُ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا وَأَجَابَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْجَمْعِ مَا ذَكَرْتُمْ، بَلْ شَرْطُهُ أَنْ تُؤَدَّى إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ تُوجَدُ الْأُخْرَى عَقِبَهَا وَهَذَا الْجَوَابُ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَإِنَّهُ نَظِيرُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ بِحَيْثُ وَقَعَتْ الظُّهْرُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَالْعَصْرُ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ. اهـ، ثُمَّ نَقَلَ جَوَابًا آخَرَ عَنْ الْكِفَايَةِ وَرَدَّهُ فَرَاجِعْهُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمَغْرِبُ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِفِعْلِهَا عَقِبَ الْغُرُوبِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي فَالْعَلَاقَةُ الْمُجَاوَرَةُ شَيْخُنَا.